يثبتون دائماً بأفعالهم وهمتهم العالية أن التطوع ليس عملاً خيّراً فقط، بل حياة يتعلمون منها ومن تجاربها المختلفة إعلاء شأن العمل التطوعي في خدمة مجتمعهم، غايتهم الأولى التي يحرصون على تحقيقها مساعدة المحتاجين، وكذلك رد الجميل لوطن أعطاهم الكثير في شتى مناحي حياتهم.
متطوعو الجمعية المغربية للإغاثة المدنية، أو كما يحلو لقائدهم أبوالرجال أن يسميهم، الإغاثيات والإغاثيون، هم نساء ورجال من مختلف الأعمار والأجناس والألوان، شباب يافع نشيط، وشيوخ اعتلى الشيب رؤوسهم، نساء عالمات وأخريات مربيات فاضلات، وأطفال صغار بالكاد يتلمسون أبجديات الحياة، كلهم وغيرهم كثير اختاروا أن يكونوا سند من لا سند له في هذا الشهر الفضيل، أن يشاهموا كل حسب استطاعته وقدرته في رسم ابتسامة على وجوه مع أشقته الحياة.
مع مطلع شمس الصباح، يسارع “الأغاثيون” الخطى لاقتناء اللوازم الضرورية لإعداد الوجبات، بما يتطلب ذلك من جهد جهيد، وصبر عتيد، وتحمل للمشقة في شهر الصيام، غايتهم واحدة، إعداد وجبة لإفطار تليق، حافظة للكرامة، ومقنعة ومشبعة، والأهم من ذلك مشبعة بالحب والإخاء، فتجدهم ينتقون بعناية كل اللوازم، كأنهم يختارونها لأبنائهم أو لذواتخم، يعلبونها في أكياس جميلة، أنيقة، مع كلمة طيبة تبهج النفس وتدخل السرور.
قبيل غروب الشمس، تجدهم منتشرون في كل مكان، يرتدون زيهم، بكل فخر، حاملين بين أيديهم ما جادت به أيادي الخير، تجدهم في الطرقات السيارة ينتظرون عابر سبيل تقطعت به الأوصال، و تجدهم يزورون مآوي العجزة والأيتام، ويقصدون المستشفيات والمراكز الصحي، وتجدهم يبحثون بحثا دؤوبا عن متشرد أو مختل تائه ليرووا ضمأه وجوعه.
في خضم كل هذا الزخم، كل هذا المجهود الكبير تغيب عنا جزئيات قد تبدو بسيطة،لكن جوهرها عميق جدا، هؤلاء الإغاثيات والأغاثيون، هم كذلك لديهم عائلات، آباء ينتظرونهم، وأبناء يشتاقون إليهم، ويمنون النفس لو يقاسمونهم مائدة الإفطار يوما.
هؤلاء الإغاثيات والإغاثيون آثروا على أنفسهم أن ينعموا بمائدة مريحة وإخوانهم المتقطعة بهم السبل لا ينعمون بها، إيثار ما مثله إيثار، وازعهم في ذلك حب للخير والسعي في سبيله.
ما يفوق عن 600 متطوع من أبناء الإغاثة المدنية تجندوا عبر كل ربوع الوطن الكبير، ليساهموا في هذا العمل الخيري الفريد من نوعه، بانتسامة تعلو وجوههم، وفرح لا يفارقهم، وعطاء لا ينضب، وانخراط جدي ومستمر طيلة الشهر الفضيل، بل إن الإغاثيات والأغاثيون في كل جهات المملكة تسابقوا على أن يصلوا إلى أكبر عدد من المحتاجين، ويكون لهم شرف تحطيم الأرقام القياسية.